سورة إبراهيم - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{الله} مبتدأ {الذي خَلَقَ السماوات والأرض} خبره {وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاءً} من السحاب مطراً {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ} من الثمرات بيان للرزق أي أخرج به رزقاً هو ثمرات أو {من الثمرات} مفعول {أخرج} و{رزقاً} حال من المفعول {وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك لِتَجْرِيَ فِى البحر بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنهار * وَسَخَّر لَكُمُ الشمس والقمر دَائِبَينِ} دائمين وهو حال من الشمس والقمر أي يدأبان في سيرهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات {وَسَخَّرَ لَكُمُ اليل والنهار} يتعاقبان خلفة لمعاشكم وسباتكم {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} {من} للتبعيض أي آتاكم بعض جميع ما سألتموه، أو وآتاكم من كل شيء سألتموه وما لم تسألوه ف {ما} موصولة والجملة صفة لها، وحذفت الجملة الثانية لأن الباقي يدل على المحذوف كقوله {سرابيل تقيكم الحر} [النحل: 81] {من كلّ} ٍ عن أبي عمرو {وما سألتموه} نفي ومحله النصب على الحال أي آتاكم من جميع ذلك غير سائليه أو {ما} موصولة أي وآتاكم من كل ذلك ما احتجتم إليه فكأنكم سألتموه أو طلبتموه بلسان الحال {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا} لا تطيقوا عدها وبلوغ آخرها هذا إذا أرادوا أن يعدوها على الإجمال وأما التفصيل فلا يعلمه إلا الله {إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ} بظلم النعمة بإغفال شكرها {كَفَّارٌ} شديد الكفران لها أو ظلوم في الشدة يشكو ويجزع كفار في النعمة يجمع ويمنع والإنسان للجنس فيتناول الإخبار بالظلم والكفران من يوجدان منه.


{وَإِذْ قَالَ إبراهيم} واذكر إذ قال إبراهيم {رَبِّ اجعل هذا البلد} أي البلد الحرام {آمِناً} ذا أمن والفرق بين هذه وبين ما في البقرة أنه قد سأل فيها أن يجعله من جملة البلدان التي يأمن أهلها، وفي الثاني أن يخرجه من صفة الخوف إلى الأمن كأنه قال هو بلد مخوف فاجعله آمناً {واجنبني} وبعدني أي ثبتني وأدمني على اجتناب عبادتها كما قال: {واجعلنا مسلمين لك} [البقرة: 128] أي ثبتنا على الإسلام {وَبَنِيَّ} أراد بنيه من صلبه {أَن نَّعْبُدَ الأصنام} من أن نعبد الأصنام {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ الناس} جعلن مضلات على طريق التسبيب لأن الناس ضلوا بسببهن فكأنهم أضللنهم {فَمَن تَبِعَنِي} على ملتي وكان حنيفاً مسلماً مثلي {فَإِنَّهُ مِنّي} أي هو بعضي لفرط اختصاصه بي {وَمَنْ عَصَانِى} فيما دون الشرك {فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أو ومن عصاني عصيان شرك فإنك غفور رحيم إن تاب وآمن {رَّبَّنَا إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِي} بعض أولادي وهم إسماعيل ومن ولد منه {بِوَادٍ} هو واد مكة {غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} لا يكون فيه شيء من زرع قط {عِندَ بَيْتِكَ المحرم} هو بيت الله سمي به لأن الله تعالى حرم التعرض له والتهاون به وجعل ما حوله حرماً لمكانه، أو لأنه لم يزل ممنعاً يهابه كل جبار، أو لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكها، أو لأنه حرم على الطوفان أي منع منه كما سمي عتيقاً لأنه أعتق منه {رَّبَّنَا لِيِقُيمُواْ الصلاة} اللام متعلقة ب {أسكنت} أي ما أسكنتهم بهذا الوادي البلقع إلا ليقيموا الصلاة عند بيتك المحرم ويعمروه بذكرك وعبادتك {فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس} أفئدة من أفئدة الناس و{من} للتبعيض لما روي عن مجاهد: لو قال أفئدة الناس لزاحمتكم عليه فارس والروم والترك والهند. أو للابتداء كقولك: (القلب مني سقيم) تريد قلبي فكأنه قيل أفئدة ناس، ونكرت المضاف إليه في هذا التمثيل لتنكير أفئدة لأنها في الآية نكرة ليتناول بعض الأفئدة {تَهْوِي إِلَيْهِمْ} تسرع إليهم من البلاد الشاسعة وتطير نحوهم شوقاً {وارزقهم مّنَ الثمرات} مع سكناهم وادياً ما فيه شيء منها بأن تجلب إليهم من البلاد الشاسعة {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات في واد ليس فيه شجر ولا ماء.


{رَبَّنَا} النداء المكرر دليل التضرع واللجإ إلى الله {إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ} تعلم السر كما تعلم العلن {وَمَا يخفى عَلَى الله مِن شَيْءٍ فَى الأرض وَلاَ فِي السماء} من كلام الله عز وجل تصديقاً لإبراهيم عليه السلام، أو من كلام إبراهيم و{من} للاستغراق كأنه قيل: وما يخفى على الله شيء ما {الحمد للَّهِ الذي وَهَبَ لِي عَلَى الكبر} {على} بمعنى (مع) وهو في موضع الحال أي وهب لي وأنا كبير {إسماعيل وإسحاق} روي أن إسماعيل ولد له وهو ابن تسع وتسعين سنة وولد له إسحق وهو ابن مائة وثنتي عشرة سنة. ورُوي أنه ولد له إسمعيل لأربع وستين، وإسحاق لتسعين، وإنما ذكر حال الكبر لأن المنة بهبة الولد فيها أعظم لأنها حال وقوع اليأس من الولادة، والظفر بالحاجة على عقب اليأس من أجل النعم، ولأن الولادة في تلك السن العالية كانت آية لإبراهيم {إِنَّ رَبّي لَسَمِيعُ الدعاء} مجيب الدعاء من قولك (سمع الملك كلام فلان) إذا تلقاه بالإجابة والقبول، ومنه سمع الله لمن حمده وكان قد دعا ربه وسأله الولد فقال: {رَبّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين} فشكر الله ما أكرمه به من إجابته. وإضافة السميع إلى الدعاء من إضافة الصفة إلى مفعولها وأصله (لسميع الدعاء) وقد ذكر سيبويه فعيلاً في جملة أبنية المبالغة العاملة عمل الفعل كقولك: (هذا رحيم أباه).

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7